تأليف: زيجمونت باومان ترجمة: حجاج أبو جبر الأسعار بريال العماني🇴🇲


4.8 

المزيد من التفاصيل


قطعت الحداثة الغربية على نفسها وعودا كثيرة من بينها الوعد بانتصال الخوف  من العالم، وإخضاعه لإدارة بشرية وعقلانية وكان ذلك يعني استبعاد لغة القضاء والقدر، والبلاء والابتلاء، والتحول الى لغة الارادة والاستحقاق والمسؤولية والادارة والمحاسبة. وكانت هذه المفردات الجديدة تطمح الى محاربة المجالات الثلاثة التي يصدر عنها الخوف. 

اولا:

 جموح الطبيعة فقد اعلنت الحداثة عزمها على استئصال الخوف الكوني الصادر عن طبيعة هائجة لا يمكن السيطرة عليها، فأهملت فكرة القضاء والقدر، وحملت الانسان المسؤولية عن الشر ودعت الى الكف عن لوم الإله عن ذلك .

ثانيا:

هشاشة جسد الانسان وخوفه من أمراضه فحاربت الحداثة الشبح المخيف الذي يطرق الأبواب ليقبض الأرواح وصار للموت أسباب طبيعية 

ثالثا

 العدوان البشري القائم على مقولة طوماس هوبز بأن (الانسان ذئب لأخيه الانسان) فكان الحل بوجود دولة قوية تهذب الرغبات الكامنة في الانسان دولة تعتمد على  جهنم الدنيوية الواقعية (بدلا من جهنم الأخروية المتخيلة).

وعلى الرغم من كل هذه المحاولات والأمل في التخلص من آثار الدولة الشمولية ونزعاتها المتطرفة وتأسيس دولة الرعاية الاجتماعية من أجل استئصال الخوف من المستقيل وتحقيق الأمن الاجتماعي إلا أننا ما زلنا أمام دولة انسحبت من أدوارها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وافسحت الطريق أمام عولمة الاقتصاد وعولمة الجريمة وعولمة الارهاب وباتت الدولة نفسها تبرر القتل الجماعي ونزع  إنسانية الانسان